قاعة كبيرة تتصدرها منصة وخلف المنصة ميزان بكفتيه وأناس
كثيرين امتلأت بهم القاعة .وجلبة واصوات متداخلة .وقفص من
الحديد وقفت خلفه في صمت أرقب ماحولي والألم يعتصر قلبي
اعتصارا0ان الجلسة عقدت لمحاكمتي .
نعم ولكن بأي ذنب لست أدري ..
وقفت شاخصا ببصري تجاه المنصة بانتظار حضور
الهيئة القضائية لأعلم ما الذي اقترفته يداي لأقف خلف هذه
السياج الحديدية .ثم ماهذه الوجوه التي تتفق علي ابتسامة تنبيء
عن الشماتة والسخرية .مهلا .مهلا .اني أعرف هذه الوجوه جيدا
نعم أعرفهم فهذا الجالس علي مقربة من القفص كانت تربطني به
صداقة .وهذان الجالسان بجوار بعضهما البعض في الصفوف
الأولى .لقد تقاسمنا رغيف الخبز لسنوات
طوال ..............محكمة .........قطع علي صوت حاجب المحكمة
تأملاتي .وعاد بصري من جديد معلقا علي الباب ..
دخلت هيئة المحكمة مكتملة بعضويها اليمين واليسار .
وبعد أن اعتدل القاضي وعدل من نظارته الطبيه .
أرسل بصره تجاهي .ورأيت عيناه تتفحصني جيدا للحظات
ثم انصرف الي الأوراق التي امامه .
قليلا ثم أشار الي السيد ممثل النيابة ليبدأ
بالحديث .فتحولت الي هذا الذي قام من مجلسه وابتسامة تعلوا
وجهه .ثم بدأ حديثه قائلا ....
سيدي القاضي ان المتهم الماثل أمام حضراتكم خلف هذا القفص هذا الذي تقتله الحيرة ويغتاله
التساؤل لم هو في هذا المكان ؟؟؟
متهما وبأي تهمة ؟؟؟؟؟؟
ان هذا المتهم يا سيدي تجاهل كل ماتعلمه وخبره وأساء لنفسه
أيما اساءة وتعدي علي كثير من الأبرياء فأصابهم بضرر
بليغ .وقد وقع في السنوات الأخيرة في أخطاء لا تغتفر ولم يعر
لتجاربه أي سمع بل تمادى وضرب بكل ذلك عرض الحائط فأخذ
يحاول تحقيق نظريات هو يعلم علم اليقين سلفا أنها لن تجر
عليه أي خير ...فتعالى علي تجاربه .بل علي عقله الذي يتغني
به فيستخدمه وقتما يشاء وينحيه وقتما يريد ليفسح المجال لقلبه
ليصرف أمورا هو وقع فيها كثيرا ولكن يا سيدي لم يتعلم ولم
يتعظ كأنك أسمعت لو ناديت حيا ولكن يا سيدي لا حياة لمن
تنادي ....
وبناء عليه نطالب بتوقيع أقصى العقوبات علي هذا المتهم ...
نظر الي القاضي من جديد ثم تنهد تنهيدة حارة .ثم أجلي
ببصره صوب ممثل النيابة ثم قال هل هناك شهود ؟؟
افتر ثغر ممثل النيابة عن ابتسامة رضا ثم هز رأسه قائلا نعم .نعم يا
سيدي ثم أشار القاضي الي الحاجب لينادي علي الشاهد الأول
انتظرت أن يقوم أحد الجالسين لعله يكون الشاهد الأول ولكني
وجدت كل العيون متجهة ناحية باب القاعة ..فدخلت منه سيدة
متشحة بالسواد .هزيلة متكأة علي عصا.ولكن عندما أمعنت
النظر في وجهها وجدت ملامح شابة ودعت شبابها رغما وقسرا
عنها ..تقدمت ببطء ناحية المنصة ثم وقفت .فسألها القاضي هل
تعرفين هذا الرجل ؟؟
ثم أشار ناحيتي ولكنها لم تنظر خلف اشارته
وعلي الرغم من ذلك أجابت بكل ثقة نعم أعرفه فوجدتني أندفع
قائلا .لكنكي لم تنظري الي .ثم انني لا أعرفك ..ظهرت ملامح
الضيق علي القاضي ثم قال لي لا تتحدث ثانية من غيرأن آذن لك
فأبتلعت لساني والقهر يملؤني ولكن القاضي سألها انكي لم
تنظري اليه وأكدتي أنكي تعرفينه .سمعت تنهيدة المرأة بحرارة ثم
عقبت قائلة ..سيدي القاضي هذا الرجل قضيت معه سنوات طوال
ولازمته ملازمة المخلص المتفاني في اخلاصه وأعطيته ما لم
يعطه أباه ولا أمه ولا حتي مدرسته التي تعلم فيها .متي طلبني
وجدني بجواره في يسره وعسره وفرحه وحزنه ..أعطيت يا
سيدي بلا حدود ولا حواجز وقد كان لما يربوا علي عقد من
الزمان مثال لحسن المعاملة ..لقد كان يرعاني ويحنوا علي
متلهفا الي حتي بدأ يتحول عني ويشيح بوجهه عني اذا ذكرني
يوما كان حديثه خاطفا خاليا من أي حرارة ثم أهملني سنوات
وسنوات ..كنت أنتظره بشوق ولهفة .ولكن يا سيدي كما
تري ..هل السيدة التي أمامك عمرها عشر سنين ..لقد ذبل شبابي
وأضاعني كما أضاع نفسه يوم تخلي عني فكنت مداد فكره الذي
يرسم له الطريق الصحيح فأكتفى مني ثم ألقاني ظانا أنه يستطيع
العيش بدوني ولكن المداد جف .ثم أصبحت كما ترى يا سيدي
...كان القاضي يستمع اليها بانتباه لا يخلو من العجب .
ثم سألها بعد أن فرغت من حديثها من أنتي يرحمك الله ؟؟؟؟
ابتسمت السيدة ابتسامة واسعة حتي بدت أسنانها البيضاء الجميلة ..ألم
تعرفني بعد يا سيدي ؟؟؟؟
أنا انا ............................؟؟؟؟
من تكون برأيكم ؟؟؟؟؟؟
موضوع: محاكمتى!!!!!!!!!!! 
الجمعة مايو 27, 2011 10:52 am
